ما هي صلاة التسبيح؟

  مصنف: شريعة 1077 0

صلاة التسبيح من أنواع صلاة النفل، وهي أربع ركعات بتشهد واحد أو بتسليمتين، وتسمى: صلاة التسابيح أو صلاة التسبيح؛ لاشتمالها على التسبيح الذي يكون فيها، وصيغة التسبيح التي دل عليها الحديث هي: “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر”، وفي رواية بزيادة: “ولا حول ولا قوة إلا بالله”

صلاة التسابيح تعتبر مفتاح من مفاتيح الفرج لترويح القلوب وتفريج الكروب، قال أبو عثمان الحيرى “ما رأيت للشدائد مثل صلاة التسابيح” . فهى وسيلة مكفرة للذنوب ، مفرجة للكروب، ميسرة للعسير، يقضى الله بها الحاجات، ويؤمن بها الروعات ويستر بها العورات.

وهذه الصلاة تخالف في بعض هيأتها بقية الصلوات وليس هذا عجيبآ، لأنها صلاة خاصة شرعت لغرض خاص كصلاة الكسوف والخسوف وصلاة العيدين ونحوها، وإنما سميت صلاة التسبيح لما فيها من كثرة التسبيح، ففيها في كل ركعة خمس وسبعون تسبيح.

صلاة التسبيح مشهورة عند أهل العلم، وقد تنازع العلماء في صحتها، فمن أهل العلم من عمل بها وصححها؛ لما في ذلك من الأجر العظيم الذي ذكره النبي ﷺ وغفران السيئات، ومن أهل العلم من ضعف الرواية، ولم يصححها، وذكر أنها رواية شاذة، وحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة.  ذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب صلاة التسابيح.  

كيفية صلاة التسبيح

هي كما ذُكرت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه: 

…أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرًا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرًا، ثم تهوي ساجدًا فتقولها وأنت ساجد عشرًا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرًا، ثم تسجد فتقولها عشرًا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرًا، فذلك خمس وسبعون، في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات… 

رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.

 والذي يظهر من هذا الحديث وصل الركعات من غير سلام، كما يظهر أيضًا في رواية الطبراني أنه لا تشهد إلا في الركعة الأخيرة فقط، وذلك حيث قال:

 فإذا فرغت قلت بعد التشهد وقبل التسليم اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى وأعمال أهل اليقين…إلخ 

ومن أهل العلم من قال إنها إن صُليت ليلاً فالأولى التسليم في ركعتين، وعلى هذا فيكون هناك تشهدان، وإن صُليت نهارًا فمن شاء وصل من غير تسليم ومن شاء سلم. قال صاحب عون “المعبود”:

 وذكر الترمذي عن ابن المبارك أنه قال: إن صلاها ليلاً فأحب إلي أن يسلم من كل ركعتين، وإن صلاها نهارًا فإن شاء سلم وإن شاء لم يسلم.

وذهب المالكية إلى عدم التفريق بين أن يصليها ليلاً أو نهارًا، وذلك بالقول بالفصل بالسلام في كلا الوقتين. والله أعلم.

  • تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة (أى أية سورة شئت)
  • فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة فقل (سبحان الله والحمدالله ولا إله إلا الله والله أكبر) خمس عشرة مرة
  • ثم تركع فتقولها وأنت راكع (بعد التسبيح المعتاد في الركوع) عشرآ(أى التسبيحات المذكروة)
  • ثم ترفع رأسك من الركوع (قائلآ سمع الله لمن حمده …إلخ) فتقولها عشرآ(أى التسبيحات المذكورة)
  • ثم تهوى ساجدآ فتقولها عشرآ( أى بعد التسبيح المعتاد في السجود)
  • ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرآ (أى بعد الدعاء المعتاد بين السجدين)
  • ثم تسجد فتقولها عشرآ (أى بعد التسبيحات المعتادة في السجود)
  • ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرآ ( يعنى وأنت جالس القرفصاء في الأستراحة الخفيفة المأثورة بين السجود والقيام)

فذلك خمس وسبعون في كل ركعة . تفعل ذلك أربع مرات ( أى في الركعات الأربع ) فيتحصل منها ثلثمائة تسبيحة .

تأكيد فعلها

ذهب الجمهور إلى استحباب صلاة التسبيح، قال ابن عابدين: 

وحديثها حسن لكثرة طرقه ووهم من زعم وضعه، وفيها ثواب لا يتناهى

ومن ثم قال بعض المحققين :

لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين، والطعن في ندبها بأن فيها تغييرا لنظم الصلاة إنما يأتي على ضعف حديثها فإذا ارتقى إلى درجة الحسن أثبتها وإن كان فيها ذلك انتهى

وقال الصاوي في حاشيته : 

وصفة صلاة التسابيح التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس وجعلها الصالحون من أوراد طريقهم، وورد في فضلها أن من فعلها ولو مرة في عمره يدخل الجنة بغير حساب ..

وقال الخطيب الشربيني :

وما تقرر من أنها سنة هو المعتمد كما صرح به ابن الصلاح وغيره .

وذهب الحنابلة إلى عدم سنيتها وجواز فعلها لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، وذهب بعضهم إلى القول باستحبابها قال البهوتي في كشاف القناع : يفعلها أي صلاة التسبيح على القول باستحبابها كل يوم مرة .. وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى :

 ولا تسن صلاة التسبيح.

قال الإمام أحمد :

ما يعجبني، قيل لم قال ليس فيها شيء يصح ونفض يده كالمنكر ولم يرها مستحبة؟

قال الموفق:

وإن فعلها إنسان فلا بأس لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.

هذا عن حكم صلاة التسابيح عند أهل العلم من أهل المذاهب الأربعة .

 الحديث الوارد في صلاة التسبيح و درجة صحته 

وأما الحديث الوارد في صفتها فهو ما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس :

 يا عماه ألا أعطيك ؟ ألا أمنحك ؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه وخطأه وعمده وصغيره وكبيره وسره وعلانيته ، عشر خصال ، أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة ، فإن فرغت من القرآن قلت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة ، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا، ثم تهوي ساجدا فتقولها وأنت ساجد عشرا ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا ، ثم تسجد فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا . فذلك خمس وسبعون في كل ركعة ، تفعل ذلك في الأربع ركعات. إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل ، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة ، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة ، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة ، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة.

وقد اختلف الحفاظ في الحكم على هذا الحديث فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه، والذين صححوه هم جمهور المحققين ، ومن هؤلاء : الدارقطني ، الخطيب البغدادي ، وأبو موسى المديني . وكلٌ ألف فيه جزءا ، وأبو بكر بن أبي داود ، والحاكم ، والسيوطي ، والحافظ ابن حجر ، والألباني ، وغيرهم . وممن ضعفوا الحديث ابن الجوزي ، وسراج الدين القزويني ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، والإمام أحمد ، وغيرهم . إلا أن الحافظ ابن حجر قال : قلت : وقد جاء عن أحمد أنه رجع عن ذلك أي عن تضعيف الحديث، فقال علي بن سعيد النسائي : سألت أحمد عن صلاة التسبيح ؟ فقال : لا يصح فيها عندي شيء . قلت : المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو ، فقال : من حدثك ؟ قلت : مسلم بن إبراهيم ، قال : المستمر ثقة ، وكأنه أعجبه.

والحق -إن شاء الله تعالى- أن الحديث لا ينزل عن درجة الحسن لكثرة طرقه التي يتقوى بها كما يقول الحافظ ابن حجر في أجوبته المشهورة على أسئلة عن أحاديث رميت بالوضع اشتمل عليها كتاب المصابيح للإمام البغوي، وهذه الأجوبة ملحقة بالجزء الثالث من كتاب مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي لمن أراد الاطلاع عليها .

 

يوسف يعقوب

كاتب ومترجم وخبير برمجة لاكثر من 20 سنة. مهتم بالغذاء والصحة وعلاج الامراض بالاعشاب والطرق الطبيعية.

أقرأ مقالاتي الأخرى