وصفة نجاح الأولاد – أهم أساليب التربية التي يتبعها الأهل لتنمية أولاد ناجحين

  مصنف: طفولة 1670 1

لا أتخيل أن هناك والدين لا يتمنون نجاح الأولاد وبقائهم بعيدين عن المشاكل و تفوقهم في المدرسة ليحققوا كل الأهداف العظيمة عندما يكبروا – وهذا ما يشعرهم بالفخر بطريقة تربيتهم لأولادهم.  وبما أنه ليس هناك وصفة سحرية لتربية أولاد ناجحين، يعكف البحث في علم النفس على تحديد الخصال التي تؤدي إلى نجاح الأولاد وخاصة تلك التي يكتسبونها من طريقة تربيتهم.
وكما هو متوقع ترجع الكثير من أسباب نجاح الأولاد إلى الوالدين والأساليب التي اتبعوها لتنشئتهم والبيئة التي يعيشون فيها.  محور هذا المقال هي الصفات المشتركة التي يتمتع بها هؤلاء الأهل و ما هي طرق التربية التي يتبعونها لضمان نجاح الأولاد في الحياة.

نجاح الأولاد و تربية الأهل

الصفات التي يتحلى بها أهل الأولاد الذين ينجحون في حياتهم كثيرة ولكن أهم القواسم المشتركة هي أن الأهل:

  1. يجعلون أولادهم يقومون بأعمال منزلية
    تقول رئيسة كلية علم النفس في جامعة ستانفورد ، جولي لايثكوت هايمز “اذا لم يغسلوا الصحون فهذا يعني أن أحدا آخر يغسلها لهم وهذا يعزلهم عن العمل الضروري في الحياة و أيضاً عن تعلم انه يجب على أحد القيام بالعمل وأن كل واحد يجب أن يقدم شيء للمجموعة”.    تعتقد جولي أن الأولاد الذين يتربوا على القيام بالأعمال يكبروا ليصبحوا موظفين يعملون جيداً مع رفاقهم لأنهم يعلمون  كيف يكافحوا وينجزوا المهمات الصعبة بالاعتماد على انفسهم.  اذا جعلناهم يقوموا بواجبات منزلية مثل رمي القمامة أو توضيب الملابس يدركوا أن عليهم أن يعملوا ليشعروا بقيمة الحياة التي يعيشونها.
  2. يعلموا أولادهم المهارات الاجتماعية
    قام الباحثون من جامعة بنسلفانيا و جامعة دوك بتعقب أكثر من 700 طفل من الروضة و حتى سن ال25 و وجدوا أن هناك ترابط  وثيق بين المهارات الاجتماعية في الطفولة و نجاح الأولاد عندما يكبروا بعد عقدين من الزمن.   أظهرت الدراسة على مدى 20 عام أن الأطفال الكُفُؤ اجتماعياً والذين يتعاونون مع أصدقائهم بدون تذكيرهم بذلك يصبحوا مفيدين للغير، و يفهمون مشاعر هم ويحلون مشاكلهم بدون مساعدة، ولديهم فرصة أكبر من غيرهم للحصول على شهادة جامعية وعمل عندما يصبحوا في سن 25.   وتبين أن نسبة السجن  والإدمان على الكحول تزيد عند الأشخاص الذين لديهم مهارات اجتماعية محدودة.
  3. لديهما توقعات عالية
    من خلال دراسة أجريت في جامعة كاليفورنيا على 6600 طفل ولدوا عام 2001، تبين أن توقعات الأهل لها تأثير كبير على تحقيق و نجاح الأولاد .   الأهل الذين رأوا الشهادة الجامعية في حياة أولادهم رسموا تلك الصورة في أذهانهم و وجهوا الأولاد بطريقة ما إلى ذلك الهدف بغض النظر عن المدخول والأملاك.  فإذاً على الأهل أن يُبقوا توقعاتهم لأولادهم عالية لأن ذلك له نتيجة أخرى أيضاً معروفة بـ “تأثير بايجماليون”  الذي ينص على أن مجرد توقع شيء من شخص آخر قد يكون سبباً إضافية لدفعه إلى تحقيق ذلك الشيء.
  4. أحرزوا مستويات تعليمية عالية
    أظهرت دراسة أجرتها جامعة ميشيغين عام 2014 أن الأمهات اللواتي أحرزن شهادات جامعية أو أتممن المرحلة الثانوية يربين أولاد ليحققوا على الأقل نفس المستوى .  ومن نفس مجموعة الـ 14000 طفل تبين أن الأولاد الذين كانت أمهاتهم مراهقة لم ينهوا حتى تعليمهم الثانوي.   في دراسة أخرى تبين أن مستوى تعليم الأهل عندما يكون الطفل في عمر 8 سنوات يؤثر بشكل مباشر على نجاح الأولاد عندما يصبحوا في سن الأربعين.
  5. يعلمون أولادهم الرياضيات في سن مبكر
    في بحث أجري عام 2007 على 35000 طفل في روضات أمريكا و كندا و إنجلترا تبين أن مهارات الحساب التي تكتسب في الصغر لها فوائد كبيرة.
    “أهمية مهارات الرياضيات المبكرة التي تدرس في بداية المدرسة مثل علم الأرقام و ترتيبها هي احدى الألغاز التي ظهرت من الدراسة. الغريب أن إتقان هذه المهارات لا ينبئ فقط بمستوى الطالب في الرياضيات  بل أيضاً ينبئ بمستوى القراءة! “
  6.  ينسِجون علاقة مع أولادهم
    في دراسة أجريت عام 2014 على 243 شخص ولدوا فقراء تبين أن الأطفال الذين تلقوا “الرعاية الحساسة” في أول 3 سنوات أظهروا مستوى أعلى في الامتحانات في السنوات الدراسية الأولى،  وحتى مستوى تعليمهم في عمر الثلاثين.
    في تقرير آخر تبين أن الأهل الذين يقدمون رعاية حساسة “يستجيبوا لإشارات الطفل بسرعة وبدقة” و “يقدمون قاعدة آمنة ” ليستكشف الطفل عالمه من خلالها.
    يقول لي رابي العالم النفسي في جامعة مينيسوتا “ذلك يرجح أن العلاقة بين الطفل وأهله تعود عليه بفوائد كبيرة في المستقبل”
  7. هم أقل توتراً
    وفقاً لبحث جديد نشر في The Washington Post – فإن عدد الساعات التي تقضيها الأم مع أطفالها بين سن 3 إلى 11 سنة لا يؤثر كثيراً على سلوك الطفل و مستواه. والأهم أن أساليب “الأمومة الكثيفة” و “التربية المترددة”  قد تعطي نتائج عكسية.
    يقول احد الباحثين “توتر الأم يؤثر على الأطفال سلبياً ، خاصةً عندما تتوتر بسبب محاولة تغير وقت العمل للاهتمام بالأطفال.”
    قد يكون سبب ذلك العدوى الحسية – وهي ظاهرة انتقال شعور ما من شخص لآخر تماما مثل الزكام .  تقول الأبحاث انه اذا كان صديقك سعيداً فسوف يسعدك  و اذا كان كئيباً ينتقل إليك الشعور ذاته.  لذلك فاذا كان احد الوالدين تعباً أو يائساً أو في حالة عاطفية ما قد تنتقل إلى الأطفال.
  8. تعمل الأمهات خارج المنزل
    مع اني أعتقد أن عمل الأمهات خارج المنزل له آثار سلبية على مجتمعاتنا :) إلا أن بعض الأبحاث تقول أن هناك فوائد كبيرة للأطفال من جراء ذلك.
    تقول الدراسة أن بنات الأمهات العاملات يبقون في المدرسة لسنوات أكثر وعلى الأرجح يلعبون دوراً مسؤولاً في المستقبل ويكسبون مالاً أكثر  ب23% مرة من  اولئك اللواتي تربوا عند أمهات لا يعملن خارج نطاق المنزل.
  9. يتمتعون بمستوى الاجتماعي اقتصادي  جيد نسبياً
    من المؤسف أن نسبة من الأطفال ينمون في مستوى الفقر مما يحد من إمكانياتهم.
    والسيء أن تأثير المستوى المعيشي يزداد مع الوقت ففي دراسة من جامعة ستانفورد تبين أن الفارق  بسبب العامل الاقتصادي تضخم إلى 30% أو 40%  بين عام 2001 و 1976.  يقول الكاتب دان بنك انه بمعزل عن أي تغيرات فإن المستوى الاجتماعي الاقتصادي هو الذي يدفع معظم الاجتهاد الدراسي والتقدم.
  10. يعلمون أولادهم “العزم”
    يعرف العزم على انه “الإرادة المطلوبة للمحافظة على مستوى الاهتمام والمثابرة للوصول إلى أهداف بعيدة”  .  وتقول الدراسات أن العزم مرتبط بالتحصيل العلمي و مستوى الطالب.  وتكمن الأهمية في تعليم الأولاد كيف يتخيلون مستقبلهم و كيف يصبرون ويثابرون و يلتزمون بتحقيق أهدافهم على مدى فترات طولية.
  11. يعرفون قيمة اتباع نظام غذائي جيد
    الأشخاص الناجحين يعرفون تأثير العادات الصحية في الأكل على تركيزهم في العمل اليومي.
    تقول د. كاثرين ستينر-ادير طبيبة العائلة والأطفال في علم النفس أن  تطوير نظم و عادات غذائية صحية عند الأطفال يتطلب مجهود من الأهل.  على الأهل تعليم أولادهم ادراك ما هو الطعام الذي يؤذي الجسم و كيف أن هيئة الجسم تعطي انطباع إيجابي أو سلبي وتوكن أولى الخطوات عبر اهتمام الأهل بغذائهم وصحة أجسامهم أيضاً  و تكوين نظرة إيجابية عن الغذاء الصحي.

نصل من خلال هذه النقاط إلى أن على الأهل أن يعلموا أن فشل أو نجاح الأولاد في المستقبل مرتبط بشكل أو بآخر بطريقة التربية منذ السنين الأولى.   لذلك علينا أن نتعلم كيف نربي أولادنا وكيف نجتهد في ذلك لأنهم أمانة في أعناقنا.

يوسف يعقوب

كاتب ومترجم وخبير برمجة لاكثر من 20 سنة. مهتم بالغذاء والصحة وعلاج الامراض بالاعشاب والطرق الطبيعية.

أقرأ مقالاتي الأخرى