المحتويات
الشلل الرعاش أو ما يعرف بمرض باركنسون (بالإنجليزية: Parkinson’s disease) هو اضطراب تنكسي في الجهاز العصبي المركزي الذي يؤثر بشكل رئيسي على الجهاز الحركي فيؤثر على الحركة والسيطرة على العضلات والتوازن، بالإضافة إلى عدد من الوظائف الأخرى، وهو نوع من حالات “اضطراب النظم الحركية”.
يصاب المريض بتلف لجزء معين في النواة القاعدية في الدماغ يدعى (المادة السوداء)، حيث تعرف هذه المادة بمسؤوليتها عن إفراز مادة الدوبامين الضرورية لتوازن الحركة لدى الإنسان، ولا يعرف سبب مباشر لتلف هذه المادة، وربما تكون هناك علاقة بالجينات الوراثية والعوامل البيئية المحيطة. وسمي المرض بهذا الاسم نسبة إلى الطبيب الإنجليزي جيمس باركنسون، الذي اكتشفه في القرن التاسع عشر.
يعتبر مرض باركنسون من الأمراض الشائعة لدى كبار السن، حيث تبدأ الأعراض السريرية في الظهور عادة ما بين سن 50 إلى 60 سنة وتزداد نسبة الإصابة به في المراحل المتقدمة من العم.
أسباب مرض الشلل الرعاش
- أسباب جينية : حيث اكتشف حديثا أن الشلل الرعاش مرتبط بطفرات جينية ،وفي هذه الحالات نجد أن المريض بالرعاش لديه أحد أقاربه مما يعانون من هذا المرض ،ولكن هذا لا يعني أن يورث الأب أو الأم المرض لأبنائه أو من جيل إلى جيل .
- السموم : حيث هناك نظرية تقول بأن اتحاد العامل الجيني مع التعرض للسموم من البيئة المحيطة هو من أكثر الأسباب المؤدية لمرض الرعاش ،هذه السموم قد تتمركز في المبيدات الحشرية أو المعادن خاصة المركبات لتي تحوي الأكسجين والذي بإمكانه التفاعل أو الارتباط بالميلانين العصبي .
- إصابة الرأس : حيث وجد أن الذين تعرضوا لإصابة في الرأس ،لديهم فرصة الإصابة بالمرض
- الأدوية : وجد أن هناك بعض الأدوية التي تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالمرض ،نظراً لأنها تقلل من كمية الدوبامين .
أعراض مرض شلل الرعاش ( باركنسون )
تتفاوت أعراض الرعاش من شخص إلى آخر، وغالباً ما تبدأ بالظهور في جانب واحد من الجسم، ليتبعه الجانب الآخر فيما بعد، وفيما يلي بيان لأبرز أعراض الرعاش: – الرعشة: تبدأ الرعشة عادة في أحد الأطراف، وغالبا ما تكون في اليد أو الأصابع وتتميّز بأنّها تظهر بشكل جلي وواضح في الوقت الذي يرتاح فيه المصاب ولا يمارس أيّ نشاط.
- تباطؤ الحركة : يقلل مرض الرعاش من القدرة على الحركة، ويؤدي إلى تباطئها، ممّا يجعل القيام بالمهام البسيطة أمراً صعباً ويتطلب وقتاً وجهداً كبيراً، فقد تصبح الخطوات أقصر عند المشي، وقد يجد المريض صعوبة في النهوض من مقعده.
- تصلّب العضلات : تؤدي الإصابة بالرعاش إلى تصلب العضلات، ممّا يسبّب الألم ويحدّ من نطاق الحركة.
- فقدان التوازن : قد يواجه المصاب صعوبة في التوازن والوقوف بوضعية سليمة.
- تأثر الحركات اللاإرادية : قد تنخفض قدرة المريض على أداء بعض الحركات التلقائية واللاإرادية، بما في ذلك الرمش، والتبسم، وتأرجح الذراعين عند المشي.
- حدوث تغيرات في الكلام : من مشاكل الكلام الناجمة عن الإصابة بمرض الرعاش؛ التحدّث بهدوء، أو بسرعة، أو بتذبذب، والتردّد قبل الكلام.
- قد يعاني المصاب من صعوبة في الكتابة، ويبدو خطه صغير الحجم.
مضاعفات الإصابة بمرض الشلل الرعاش (باركنسون)
في الحقيقة لا يقتصر مرض باركنسون على معاناة المصاب من أعراض الشلل الرعاش فحسب، وإنّما قد يترتب على هذا الداء ظهور بعض المضاعفات، نذكر منها ما يأتي:
- صعوبات التفكير : يواجه المصابون بمرض باركنسون مشاكل على مستوى الإدراك والتفكير، غالباً ما تتمثل بصعوبة التفكير والخرف (بالإنجليزية: Dementia)، ولكن يجدر التنبيه إلى أنّ هذه المضاعفات لا تحدث إلا في الحالات المتقدمة من المرض، وتجدر الإشارة إلى أنّ مثل هذه المشاكل لا تستجيب بشكلٍ كبير للعلاجات الدوائية المصروفة.
- الاكتئاب والمشاكل العاطفية: قد يُعاني مرضى باركنسون من الاكتئاب، وبعض المشاعر المضطربة مثل الخوف، والقلق، وفقدان الحماس، وغير ذلك، ولكن غالباً ما يمكن باستخدام الأدوية المناسبة السيطرة على هذه الأعراض.
- مشاكل البلع : بتقدم المرض يُعاني المصاب من صعوبة وبطء في عملية البلع، مما يتسبب بتراكم اللعاب، وهذا بدوره قد يترتب عليه سيلان اللعاب من الفم.
- اضطرابات النوم: يواجه الأشخاص المصابون بمرض باركنسون مشاكل على مستوى النوم، غالباً ما تتمثل بالنوم بشكلٍ مفاجئ في النهار، أو الاستيقاظ بشكل متكرر أثناء الليل، أو الاستيقاظ بشكلٍ مبكر، ولكن يجدر التنبيه إلى أنّ الأدوية قد تساعد بشكلٍ جليّ على حل مشاكل النوم.
- اضطرابات المثانة: وغالباً ما تتمثل بحاجة الشخص إلى التبول بشكل متكرر أو عدم القدرة على التحكم بخروج البول.
- الإمساك : ويمكن تفسير معاناة المصابين بمرض باركنسون من الإمساك ببطء عمليات الجهاز الهضميّ.
- تغيرات في ضغط الدم : قد يُواجه الصابون بمرض باركنسون هبوطاً مفاجئاً في ضغط الدم عند الوقوف، وعندها يشعر المصاب بالدوخة وقد يُوشك على الإغماء.
- اضطرابات الشمّ : وغالباً ما تتمثل بمواجهة المصاب صعوبة في التفريق بين بعض الروائح، وكذلك صعوبة في تمييز بعضها.
- الشعور بالتعب والإعياء : يشكو المصابون بمرض باركنسون من شعورهم بفقدان الطاقة والإعياء العام، ولكن في حقيقة الأمر لم يتمكن العلماء من تفسير السبب وراء ذلك.
- الإحساس بالألم : قد يشعر المصابون بمرض باركنسون بالألم في مناطق محددة من الجسم أو في الجسم كله.
كما يمكن أن تؤدي الإصابة بالمرض إلى حدوث عدد من المضاعفات الصحيّة الأخرى، مثل:
- هبوط ضغط الدم الانتصابيّ (بالإنجليزية: Orthostatic hypotension). ضعف حاسة الشم.
- الشعور بالتعب والإعياء العامّ.
- العجز الجنسيّ (بالإنجليزية: Sexual dysfunction).
علاجات دوائية لمرض الشلل الرعاش (باركنسون)
تساعد الأدوية على السيطرة والتحكم في مشاكل المشي والحركة والارتعاش، ويعتمد علاج الشلل الرعاش بشكل رئيسي على زيادة تركيز الدوبامين، أحد النواقل العصبية المهمة في الدماغ، الذي يرتبط نقصه بالإصابة بمرض الرعاش.
ومن الجدير بالذكر أنّ الأدوية تساهم في تحسين الأعراض إلى حد كبير في بداية العلاج، إلا أنّ فاعلية الأدوية تتناقص باستمرار مع تقدّم المرض ومرور الوقت. ومن الأدوية المستخدمة في علاج الرعاش ما يلي:
- ليفودوبا/كاربيدوبا: (بالإنجليزية: Carbidopa-levodopa) يُعدّ الليفودوبا أكثر أدوية علاج الرعاش فاعلية، حيث يتم تحويل الليفودوبا داخل الدماغ إلى الدوبامين، في حين يقوم الكاربيدوبا المُضاف للعلاج بالتقليل من الآثار الجانبية لليفودوبا، ومع تقدم المرض، قد تصبح فاعلية الليفودوبا أقل استقراراً، وقد يعاني المريض من ظهور حركات جسدية لاإرادية بعد تناول جرعات عالية من الليفودوبا.
- الأدوية المحفزة للدوبامين: (بالإنجليزية: Dopamine agonists) تُعدّ هذه الأدوية أقل فعالية من الليفودوبا إلا أنّها تعمل لفترة أطول، ويمكن استخدامها جنباً إلى جنب مع الليفودوبا لتحسين فعاليته، خاصة في الفترات التي يتوقف فيها الليفودوبا عن العمل. ومن الأمثلة على هذه الأدوية البراميبيكسول (بالإنجليزية: Pramipexole) والروبينيرول (بالإنجليزية: Ropinirole)، والآثار الجانبية لهذه الأدوية تشبه آثار الليفودوبا الجانبية.
- مثبطات أكسيداز أحادي الأمين: (بالإنجليزية: MAO-B inhibitors) ومن هذه الأدوية السيليجيلين (بالإنجليزية: Selegiline)، والراساجيلين (بالإنجليزية: Rasagiline)، وتعمل هذه الأدوية على منع تحطيم الدوبامين في الدماغ عن طريق تثبيط إنزيم أكسيداز أحادي الأمين، ومن آثارها الجانبية الغثيان والأرق.
- الأدوية المثبطة للإنزيم الناقل للميثيل: (بالإنجليزية: Catechol-O-methyltransferase (COMT) inhibitors) ومن الأمثلة على هذه المجموعة دواء إنتاكبون (بالإنجليزية: Entacapone) الذي يعمل على تطويل مفعول الليفودوبا عن طريق تثبيط الإنزيم الذي يحطم الدوبامين، ومن الآثار الجانبية لهذه الأدوية زيادة خطر الإصابة بالإسهال، وظهور حركات جسدية لاإرادية على المريض.
- مضادات الكولين: (بالإنجليزية: Anticholinergics) استُخدمت هذه الأدوية لسنوات عديدة للمساهمة في التحكم بالرعشة المرتبطة بمرض باركنسون، إلا أنّ فوائدها المتواضعة وآثارها الجانبية المتعددة مثل ضعف الذاكرة، والإمساك، وجفاف الفم، وصعوبة التبول، جعلت استخدامها في علاج الرعاش محدوداً. ومن الأمثلة على هذه الأدوية البنزتروبين (بالإنجليزية: Benztropine) والتريهكسفينيديل (بالإنجليزية: Trihexyphenidyl).
- الأمانتادين: (بالإنجليزية: Amantadine) يُستخدم هذا الدواء لتخفيف أعراض الرعاش البسيطة في المراحل المبكرة، كما يمكن أن يُعطى جنباً إلى جنب مع الليفودوبا خلال المراحل المتأخرة من مرض الرعاش للتقليل من آثاره الجانبية.
الباركنسون والغذاء
لا شك بأن التغذية الجيدة والمتوازنة هي في غاية الأهمية من أجل صحة وسلامة خلايا أجسامنا عموماً وخلايا الدماغ على وجه الخصوص. فبالنسبة لغير المصابين بالمرض، تشير بعض الدراسات إلى إمكانية الوقاية من الباركنسون من خلال تناول كميات أكبر من الخضروات والفواكه، والألياف الغذائية، والأسماك ، والأغذية الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية.
أما بالنسبة لمرضى الباركنسون، فعلى الرغم من عدم وجودة حمية غذائية محددة لهم، إلا أن هناك مجموعة من التدابير التي من شأنها المساعدة على التعايش مع المرض، والتخفيف من أعراضه، والحد من تطوره.
نصائح غذائية لمرضى الباركنسون:
- يُنصح بشدة بالابتعاد عن السموم الغذائية كالكحول والكافيين مع الحرص دائماً على تناول كميات كافية من الأطعمة المحتوية على مضادات الأكسدة كالفواكه والخضروات. كما أنه من الجدير التأكد من أن الجهاز الهضمي يعمل بشكل سليم من أجل ضمان الامتصاص الكامل للغذاء.
- المحافظة على توازن نسبة السكر في الدم من خلال تجنب السكريات والكربوهيدرات المكررة، فعند تناولها تزداد كمية الجلكوز في الدم بشكل مفاجئ، إلا أن تلك الكمية تبدأ بالانخفاض سريعاً، الأمر الذي يؤدي إلى التعب، والدوخة، والأرق، والاكتئاب، والتعرق خصوصاً في الليل، وضعف التركيز، والنسيان. فضلاً عن أن ارتفاع الجلكوز في الدم من شأنه المساهمة في الالتهاب الذي يعتبر سمة من سمات مرض الباركنسون.
- تناول الأطعمة الغنية بحمض الفوليك، والزنك، وفيتامين ب12 وب6، حيث توجد هذه العناصر الغذائية في اللحوم والخضروات، ومن شأنها التخفيف من نسبة مادة الهوموسيستين السامة التي تزداد نسبتها لدى مرض الباركنسون.
- تناول كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين د حيث تعتبر هشاشة العظام من الأشياء المثيرة للقلق بالنسبة لمرضى الباركنسون، فهم أكثر عرضة لها، وبالتالي فهم أكثر عرضة لخطر السقوط، والتي بدورها تزيد من حالات الكسور المؤلمة والخطيرة. ولهذا يُنصح دائماً بتناول كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين د.
- تناول كميات كافية من المغنيسيوم حيث يعتبر المغنيسيوم من المعادن التي تساعد على استقرار وهدوء الجسم، ونقصانه يؤدي إلى ارتعاش وتشنج وضعف العضلات، إلى جانب الأرق، والعصبية، وارتفاع ضغط الدم، وعدم انتظام نبضات القلب، والإمساك، والنشاط المفرط، والاكتئاب كما أن المغنيسيوم قد يلعب دوراً هاماً في النوم الهادئ والسليم لاسميا وأن مرضى الباركنسون يعانون من مشاكل في النوم.
- من المهم الحفاظ على انتظام حركة الأمعاء، فعلى الرغم من أن الإمساك الذي يعاني منه مرضى الباركنسون يعود في الأساس إلى المرض نفسه، إلا أنه من الممكن التخفيف منه من خلال اتباع نظام غذائي يشتمل على تناول الأطعمة الغنية بالألياف (الخبز الأسمر، والحبوب الكاملة، والفواكه، والخضروات، والبقوليات ، والخوخ) وشرب الكثير من السوائل، بالإضافة إلى ممارسة التمارين الرياضية التي تساعد على التخفيف من الإمساك، وتقوية العظام، وتعزيز الطاقة والاسترخاء.
اختبار دواء جديد قد يسهم في علاج شلل الرعاش (باركنسون)
أجرت هيئة طبية بريطانية اختبارا لعلاج مرض الشلل الرعاش، المعروف باسم “باركنسون”، بطريقة تتميز بنقل الدواء مباشرة إلى المخ. وأعطى الأطباء المرضى الذين شملتهم التجربة الدواء الجديد، الذي يمكن التحكم فيه عن طريق فتحة أو “منفذ” على جانب رأس المريض، كما أعطوا مجموعة أخرى علاجا وهميا.
وأظهرت التجربة تحسن أعراض المرض لدى المجموعتين، وهو ما يعني أنه ليس من الواضح إن كان الدواء مسؤولا بشكل كامل عن تحسن الأعراض المرضية. بيد أن فحوص الأشعة أثبتت بالدليل المرئي تحسنا في المناطق المصابة في المخ لدى المرضى الذين أعطوا الدواء عن طريقة تلك الفتحة في الرأس. ويقول المشرفون على الدراسة العلمية إنها تشير إلى إمكانية “إعادة تحفيز” خلايا المخ التالفة بسبب المرض في حين تحدث خبراء آخرون عن أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت هذه النتيجة ستؤدي إلى تحسن أعراض المرض.
ويعتقد العلماء أن ذلك “المنفذ” الموجود على جانب رأس المريض يمكن استخدامه أيضا في تقديم علاج كيماوي للمرضي الذي يعانون من أورام الدماغ أو في اختبار أدوية جديدة لعلاج ألزهايمر والسكتات الدماغية. وأعطى العلماء المرضي، في هذه الدراسة الجديدة، علاجا تجريبيا يُعرف باسم “عامل التغذية العصبي المشتق من الخلايا الدبقية” (المعروف اختصارا باسم GDNF)، بهدف محاولة تجديد خلايا الدماغ الميتة وتغير حالتها.
وخضع المشاركون لعملية جراحية بمساعدة روبوت لوضع أربعة أنابيب في أدمغتهم، التي تسمح بتوصيل عامل التغذية العصبي المشتق من الخلايا الدبقية إلى المناطق المصابة بدقة كبيرة عبر فتحة على جانب رؤوس المرضى. وبعد إجراء دراسة مبدئية شملت ستة أشخاص للتأكد من عنصر السلامة، شارك 35 مريضا في تجربة “غير معلنة” استمرت تسعة أشهر، تحدد إعطاء نصف عدد المرضى شهريا، على نحو عشوائي، عامل التغذية العصبي المشتق من الخلايا الدبقية، في حين تناول النصف الأخر دواء وهميا.
المصادر